الداخلة7
معرض الكوميديا الباهتة..
يسدل الستار بعد يومين وقِيلَ ثلاثة على ” فعاليات ” المعرض الجهوي للثقافة المنظم تحت شعار “القراءة.. جسر إرتقاء “، نعم ، بهذه الجملة المعاقة مرتين ( مبنى ومعنى) تم التقديم لمناسبة يفترض أن تكون مهمة في سياق حيوي يشهد دينامية فعالة في مجالات مختلفة هنا والآن بالداخلة – داخلة الأطلسي وإفريقيا- ويستدعي ابتكار آليات جديدة تستحضر التوجيهات الملكية السامية في الحث على الجدية والابتكار والجودة، ويدرك أن العالم اليوم عالم جديد…
في المسامرات مع الكتاب والأصدقاء المبدعين في مناسبات شتى على المستوى الوطني، يأتي الحديث عن المعرض الجهوي للكتاب في تلك الربوع كحدث ثقافي قوي يكاد يشارف المعرض الدولي للكتاب والنشر ، نقاش عمومي حول تقييم السياسات الثقافية ،مساجلات، إصدارات.. و نتأوه في حسرة نحن الجنوبيون.. بعد اليوم ليس جدير بنا التأوه.. لنا أن نخجل!
على مستوى الإخراج الفني والمنهجي لبرنامج المعرض، كان ثمة الكثير مما يثير الشفقة. بدءا من السطحية التي شكلت الملصق بخلفيته السيميائية والدلالية، مرورا بافتقار المنظم لأي خطة إعلانية (أساسيات التنظيم)، وتمتد تلك السطحية لتشمل المحتوى، ذلك المحتوى الأجوف إلا من نشاطين، هما جهد المقل ، حَفِظا للمعرض الجاف بعضا من الماء. وكنكتة محرجة كان ثمة “مجموعة من الباحثين”يزاولون مهمة تقديم أنشطة على الورق ، وتتكرر اللازمة عل امتداد فقرات البرنامج الذي لم يُذَعْ سوى 48 ساعة قبل الافتتاح، لا أسماء ، لا أعلام ، لا أحداث.. مجموعة من الباحثين، مجموعة من الباحثين ، مجموعة من الباحثين… والله كريم ، يعفو عن كثير!
أريد للمعرض أن يكون معرضًا للعناوين واللافتات . مفرغا من كل روح ، باهتا باهتًا، لدرجة أن يكون كل شيء إلا معرضًا للكتاب في مدينة تتطور. لا، أبدًا ، تحافظ المعارض عادةً على نسبة زوار معقولة، إلا هذا، ليس معرضا ولا معرضا ماذا يكون إذن ؟!
ولقد كانت مفارقة غريبة جدا، أن تضم المديرية الجهوية للثقافة إطارات وطاقات مقتدرة، بموازاة وجود فعاليات مدنية راكمت تجارب نوعية في تنشيط الحقل الثقافي بالمدينة.. فيخرج المعرض الجهوي للكتاب في نسخته الثالثة عشرة هكذا، وكأنما عقمت المبادرات وساد الوهن والشيخوخة هذا الجسد المكابر المسمى مجازا: ثقافة!
أين هذا البؤس من برنامج التنمية المندمج؟
؟ أينه من البرنامج الوطني للقراءة ؟ و أين المديرية من مايحدث حولها ؟ وأينها من دينامية الصناعات الإبداعية وراهنية السياسات الثقافية ؟ أينها من أسئلة الشباب الحقيقية ؟ هل الفلكلور الاستعراضي هو كل ما يمكن أن تقدمه مؤسسة عمومية على امتداد موسم كامل؛ كل موسم!
على أننا قراء هذه المدينة، قراؤها مثقفوها ومبدعوها، شبابها الفاعل، أبناء هذا الوطن، من حقنا أن نعانق نسمة فرح موسمية تعمق انتماءنا للفضاء المشترك ، وتعزز ثقتنا بالرهان الدستوري في تسيير الشأن العام، وبحيائنا السلبي من التنبيه لهذا الاختلال البنيوي لطريقة تدبير المرفق العمومي لايمكن إلا أن نشرع لتوالي هذه المهزلة المتكررة ومثيلاتها على مدار سنوات، وإن كنا متغافلين عن حقنا المشروع-مرة أخرى- في الاحتجاج عن الاستمرار الخطير في إهدار الزمن الثقافي وإفراغ المرفق العمومي إياه من محتواه، ليصبح غرفة أكل تتحكم فيها مزاجية الشخص -عوض إطار المؤسسة- في تغييب واضح لخلفيات الحكامة الديموقراطية وقيم المواطنة والدولة الحديثة.
ختاما :هذا السؤال- ليس السؤال الأهم: ماذا قدمت الثقافة للثقافة على مدار السنوات الأخيرة؟!.
لكن سؤال أبسط قليلا: ماذا لو لم ينجز المعرض هذا العام ، هل كان ليفتقده أحد ؟!
– لا.. بل كم كان يحسن أن لا…
المصدر : https://www.dakhla7.com/?p=17687